أهمية قراءة ورد يومي من القرآن الكريم

*أهمية قراءة ورد يومي من القرآن الكريم*

القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد، وكلامه المعجز، وهديه للبشرية جمعاء. وهو ليس كتابًا يُقرأ مرةً وينتهي، بل هو رفيق الحياة، يُتلى آناء الليل وأطراف النهار، يُستشفّ منه النور والسكينة، وتُستخرج منه المعاني والعبر، وتُستضاء به القلوب. ومن أعظم الوسائل للمحافظة على صلة العبد بربه: قراءة وردٍ يومي من القرآن، ولو خمس صفحات، فذلك مفتاح البركة، وطريق الثبات، ووسيلة لنيل رضا الله تعالى.

*أولًا: القرب من الله والطمأنينة*

من يقرأ القرآن الكريم يوميًا، يستشعر قربه من الله، لأن كلام الله لا يُتلى إلا على من أحب الله أن يُكلمه. قال تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28]. والقرآن أعظم الذكر، وتلاوته تزرع في القلب سكينة لا يضاهيها شيء، وتمسح عنه هموم الحياة، وتجعل الإنسان يشعر بأنه في معية الله، مراقَب من الله، ومحبوب من الله.

*ثانيًا: تثبيت القلب على الإيمان*

القلب البشري متقلّب، يتأثر بالأحداث، بالشهوات، بالفتن، بالغفلة، ولكن من كانت له جلسة يومية مع كتاب الله، يُثبّت قلبه كما قال تعالى: "كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلًا" [الفرقان: 32]. فقراءة القرآن يوميًا تجعل الإنسان يتذكّر الغاية، ويربط دنياه بآخرته، ويعيد ترتيب أولوياته، ويستيقظ من غفلته.

*ثالثًا: تربية النفس وتزكيتها*

القرآن يربّي النفس ويهذبها، فهو يتحدث عن الأخلاق، والصبر، والعفة، والكرم، والعدل، وكل خلقٍ جميل. ومن يقرأه كل يوم، يتشرّب هذه المعاني شيئًا فشيئًا، فتتزكّى نفسه، ويقوى وازعه الداخلي، ويتحوّل إلى إنسانٍ ربانيّ. قال الله تعالى: "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" [الشمس: 9-10]، ولا تزكية أعظم من التزكية بالقرآن.

*رابعًا: نيل الأجر العظيم*

قراءة حرف واحد من القرآن تُكتب بها عشر حسنات، كما قال النبي ﷺ: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" [رواه الترمذي]. فكيف بمن يقرأ خمس صفحات في اليوم؟ كم من الأجور تُكتب له؟ وكم من الذنوب تُمحى عنه؟

*خامسًا: التربية على الالتزام والانتظام*

من يداوم على وردٍ يوميٍّ من القرآن، يتربّى على الانضباط والالتزام، وهي صفة عظيمة يحتاجها كل إنسان ليُنجز ويُحقق أهدافه. فإذا استطاع أن يُلزم نفسه بقراءة خمس صفحات يوميًا، فسيكون ذلك مدخلًا للثبات في أمور الدين والدنيا.

*سادسًا: حفظ القرآن وتثبيته*

من يقرأ خمس صفحات يوميًا، سيختم القرآن خلال أربعة أشهر تقريبًا، ومع التكرار سيثبت الحفظ في قلبه دون عناء كبير. كثير من الناس يشتكون من ضعف الحفظ وسرعة النسيان، والحل يكمن في القراءة اليومية المتكررة، فهي التي ترسّخ المعاني وتحفظ الآيات.

*خاتمة:*

إن ورد القرآن اليومي ليس رفاهية، ولا ترفًا، بل هو غذاءٌ للروح، ودواءٌ للقلب، وضرورة للثبات في زمن الفتن والانشغالات. خمس صفحات يوميًا لا تكلّف أكثر من عشر دقائق، لكنها تفتح أبوابًا من الخير والبركة، وتكون لك نورًا في الدنيا، وشفاعةً في الآخرة. فليحرص كل مسلم ومسلمة على أن يكون له مع القرآن موعدٌ لا يُؤجل، ووردٌ لا يُهمل، وجلسة لا تُقاطع. فإن أردت أن يُبارك الله يومك، فابدأه بكلامه، وإن أردت أن يُنير الله دربك، فاجعل القرآن رفيقك في كل صباح ومساء.

﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]،

فهو أنيسك في الدنيا، وشفيعك في الآخرة، ودليلُك إلى الجنة.